في الوقت الحالي يعاني العالم أجمع من نقص كبير في الشرائح والمعالجات، والشرائح Chips هي الرقائق الإلكترونية الذكية التي تدخل في تصنيع طيف واسع جدًا من الأجهزة بمختلف أنواعها من أصغرها لأكبرها، وهذا النقص الكبير قد أدى بدوره إلى تعطيل لعملية الإنتاج الخاصة بهذه الأجهزة، وهو أمر تواجهه الشركات وكذلك يواجهه العملاء والمستخدمين بشكل مترتب عليه.
يتم تصنيع هذه الشرائح والرقائق من أشباه الموصلات، وفي الظروف العادية تكون هناك وفرة كبيرة جدًا من هذه المكونات، لكن في الفترات السابقة حدثت أكثر من كارثة أدت إلى نقص الكميات المعروضة من هذه المكونات حول العالم، ولعل الكارثة الأكبر كانت جائحة فيروس كوفيد-19 والذي أثر على الصناعة والإنتاج من ناحية، وسبب زيادة الطلب على الأجهزة الإلكترونية من ناحية أخرى بسبب الحظر المنزلي.
بعد تطبيق الحظر المنزلي بسبب فيروس كورونا أصبح المستخدمين في حاجة لأجهزة للتسلية مثل أجهزة التلفاز أو أجهزة الألعاب الاحترافية، وأصبحوا أيضًا في حاجة لأجهزة للعمل مثل اللابتوب أو الكمبيوتر، هذا كله بجانب الهواتف الذكية بطبيعة الحال! وهذا كله وكما سلف الذكر حدث في نفس وقت فيروس كوفيد-19 والذي أدى لإغلاق المصانع وتعطيل الإنتاج والشحن العالمي لشهور طويلة، أي أن المتاح قد قل، وفي نفس الوقت الطلب زاد!
بالإضافة إلى ذلك كله هناك عوامل زادت من صعوبة الموقف، وهي العقوبات الأمريكية التي تم فرضها على الصين والتي أشعلت الحرب التجارية بين البلدين! وذلك على صعيد الجمارك والضرائب وكذلك التعاون الصناعي وغيرهم الكثير، وما ترتب على هذا كله كما سلف الذكر، هو إنخفاض شديد في العرض من الرقائق والشرائح الإلكترونية، وزيادة الطلب في نفس الوقت بشكل واضح.
من ناحية أخرى، هذا الحدث قد أثر أيضًا على مجال السيارات بشكل ضخم! حيث أن السيارات تعتمد على تلك الشرائح والرقائق بشكل كبير، يمكن للسيارة الواحدة العادية أن تحتاج أكثر من ألف رقاقة! والعدد يزيد ويزيد مع السيارات الأكثر ذكاءًا أو تلك العاملة بالكهرباء بدلًا من الوقود.
الحدث قد أدى إلى توقف عمليات الإنتاج وتعثرها لدى شركات كبيرة جدًا مثل جينرال موتورز وأيضًا فورد! هناك سيارات منتهية بالفعل وجاهزة للحركة لكنها متوقفة على عدد من الشرائح التي لم يتم تركيبها بعد! وحسب التقارير، هذا العرض الضئيل قد يؤثر على 1.3 مليون سيارة في الوقت الحالي ما لم يتم حل المشكلة، والأمر لا يتوقف هنا، بل يؤثر على كل الأجهزة كما سلف الذكر.
وكأن الأمر يحتمل المزيد من الكوارث! حدث حريق كبير في شركة Reneas Electronics اليابانية وتحديدًا في واحد من أكبر مصانعها، وهذا الحريق قد أثر على تفور متحكمات السيارات المصغرة Microcontrollerفي حين أن هذه الشركة في الأساس مسؤولة عن إنتاج 30% من متحكمات السيارات عالميًا!
كل هذه الأسباب السالف ذكرها قد أثرت على مجال الهواتف الذكية أيضًا بشكل مباشر، وتحديدًا على شركات مثل كوالكوم التي تصنع معلجات سنابدراجون، والتي تعاني في الوقت الحالي لتصنيع معالجاتها سواء الرائدة مثل سنابدراجون 888 أو المتوسطة مثل سنابدراجون 780 وغيرهم.
عمليات تصنيع المعالجات تتم من خلال شركة TSMC التايوانية الغنية عن التعريف، والذي يأتي اسمها ذاك اختصارًا لـTaiwan Semiconductor Manufacturing Co وهي التي تعاني لنفس الأسباب، وبالحديث عن الولايات المتحدة الأمريكية وشركاتها مثل مايكروسوفت وأبل فهم يستهلكون 47% من المعالجات التي يتم تصنيعها عالميًا، في ظل أن الإنتاج الأمريكي هو 12% فقط!
هذا الضعف الكبير في الإنتاج مقابل الطلب الكبير خصوصًا في ظل وجود جيل أجهزة الألعاب الجديد المتمثل في PlayStation 5 وXbox Series X|S قد أدى وسيؤدي إلى ارتفاع الأسعار في الأشهر المقبلة، وبالفعل، حذر الخبراء من ارتفاع شديد في أسعار جميع الأجهزة في الفترات المقبلة.
يُذكر أن هناك جهود كبيرة حول العالم لحل هذه المشكلة، مثلًا، الرئيس الأمريكي جو بايدن قد خصص مبلغ 37 مليار دولار أمريكي لدعم تصنيع الرقائق، المعالجات وشرائح أشباه الموصلات، في حين أن TSMC ستفتتح مصنع قريبًا في أمريكا، وكذلك Samsung وإنتل! هذا إلى جانب جهود صينية كبيرة.
المصدر: Reuters
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق